كَثُر الْحَدِيْث عَن فَوَائِد الْمُوْسِيْقَى
وَبِالذَّات الْمُوْسِيْقَى الْهَادِئَة وَالَّتِي تُسَمَّى بِغِذَاء
الْرُّوْح مَع أَن حَدِيْث الْرَّسُوْل عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام
فِي حُرْمَة الْمَعَازِف وَاضِح وُضُوْح الْشَّمْس، وَيُؤَكِّد عَلَى هَذَا
كَثِيْر مِن كِبَار الْعُلَمَاء، وَهَذَا لَيْس مَوْضُوْعُنَا هُنَا.
أَمَّا بِخُصُوْص الْعَلَاقَة بَيْن الْمُوْسِيْقَى وَالْطَّاقَات
الْسَّلْبِيَّة فَسَأَتَحَدَّث مِن بَعْض الْزَّوَايَا لَعَلِّي اوْضَح
وَأَقْرَب الْصُّوَر وَالْمَعَانِي أَكْثَر. أَقُوْل وَبِاللَّه
الْتَّوْفِيْق
كَمَا عَرَفْنَا أَن مَاهِيَّة الْطَّاقَة هِي مَوْجَات
كهَروَمَغْنَاطِيسِيّة. وَان كُل شَيْء عِبَارَة عَن مَوْجَات
كهَروَمَغْناطُّسيَّسة (او يَصْدُر مَوْجَات كهَروَمَغْنَاطِيسِيّة). إِذَن
نَحْن نُصَدِّر وَنَتَلَقَّى مَوْجَات كهَروَمَغْنَاطِيسِيّة.
وَكَمَا نَعْلَم ان لِلْدِّمَاغ مَوْجَات كَثِيْرَة مِنْهَا
الْمَوْجَات الْأَرْبَع الْمَعْرُوْفَة (بَيْتا، أَلْفَا، ثُيَتَا
وَدَلَّتّا). وَان لِكُل مَوْجَة مِن مَوْجَات الْدُّمَاع حَالَة
مُعَيَّنَة تَدُل عَلَى حَالَة نَشَاط دِمَاغ الْإِنْسَان. فَمَثَلَا
عِنْدَمَا يَكُوْن الْإِنْسَان نَشِيْطا فَإِنَّه دِمَاغُه يَكُوْن فِي
مَوْجَة بَيْتا، وَهَذَا يَعْنِي أَن بَيْتا هِي مَوْجَة النَّشَاط
وَالْحَيَوِيَّة. وَإِذَا كَان الْإِنْسَان فِي حَالَة خُمُوْل
وَاسْتِرْخَاء فَإِن دِمَاغُه يَكُوْن فِي حَالَة مَوْجَة أَلْفَا. وَهَذَا
يَعْنِي أَن مَوْجَة أَلْفَا هِي مَوْجَة الاسْتِرْخَاء وَالْهُدُوء
الْنَّفْسِي وَهَكَذَا.
وَإِذَا عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْت أَن كُل شَيْء عِبَارَة عَن مَوْجَات
كهَروَمَغْنَاطِيسِيّة (طَاقَة)، فَإِن الْصَّوْت عِبَارَة عَن مَوْجَات
كهَروَمَغْنَاطِيسِيّة، وَالْصَّوْت لَه طَبَقَات وَتُسَمَّى فِي عِلْم
الْمُوْسِيْقَى بَنُوْتَات (عَلَى مَا اعْتَقَد) وَالَّتِي هِي دَو رَي مَي
فَا صُوْل لَا سِي دُو . إِذَن فَكُل نُوَتَّة عِبَارَة عَن طَاقَة (قَد
تَكُوْن سَالْبِيّة وَقَد تَكُوْن إِيْجَابِيَة) وَهَذَا يَقُوْدُنَا إِلَى
ان جَمِيْع الْأَصْوَات عِبَارَة عَن طَاقَة (مَوْجَات
كهَروَمَغْنَاطِيسِيّة). فَأَصْوَات الْشَّلَالَات وَأَصْوَات
الْعَصَافِيْر وَنُحِيق الْحِمَار (أَنْكَر الْأَصْوَات) وَصَهِيْل
الْحِصَان وَحَفِيْف الْأَشْجَار وَفَحِيح الْأَفَاعِي وَأَصْوَات
الْسَّيَّارَات وَأَصْوَات الْمُعِدَّات وَأَصْوَات الْبَشَر وَغَيْرِهَا
عِبَارَة عَن مَوْجَات كهَروَمَغْنَاطِيسِيّة (طَاقَة).
وَقَد اجْرَيْت كَثِيْر مِن الْأَبْحَاث حَوْل أَثَر الْمُوْسِيْقَى
عَلَى الْإِنْسَان وَخَرَجْت بَعْض الْنَّتَائِج ان الْمُوْسِيْقَى الـ
..... تُسَاعِد عَلَى تَهْدِئَة الْأَعْصَاب وَتُسَاعِد عَلَى تَسْرِيع
عَمَلِيَّة الْشِّفَاء .. إِلَخ. وَإِذَا تَأَمَّلْنَا فِي مِثْل هَذِه
النَتَائِح وَقَارْنَاهَا فِيْمَا ذَكَرْنَا سَابِقا لَوَجَدْنَا الْآتِي:
إِن مَوْجَة أَلْفَا هِي مَوْجَة لِاسْتِرْخَاء وَلِلِاسْتِرَّخَاء
فَوَائِد كَثِيْرَة مِنْهَا أَن يَزِيْد الْهُمُوْم وَالْمَتَاعِب
وُيُسَاعِد عَلَى تَسْرِيع عَمَلِيَّة الْشِّفَاء وَيُهَدِّئ الضغَظ
وَيُصَفِّي الْذِّهْن .. إِلَخ. وَلِكَي تَصِل إِلَى مَوْجَة أَلْفَا
هُنَاك عِدَّة طُرُق مِنْهَا:
- طَرِيْقَة ذِهْنِيَّة وفِيزْيَائَة تَقُوْم بِهَا بِنَفْسِك مِن
خِلَال اسْتِرْخَاء أَعْضَاء الْجَسَد وَالاسْتِرْخَاء الْذِّهْنِي.
- عَن طَرِيْق مَصْدَر آَخَر يُقَوِّم عَلَى تَّقْلِيْل نَشَاط
الْدِمَاغ وَإِخِفَاض مَوْجَتَه مِن مَوُّجَة بَيْتا إِلَى مَوْجَة
أَلْفَا. وَهَذَا الْمَصْدَر قَد يَكُوْن كَلَام شَخْص يَتَحَدَّث إِلَيْك
بِوَتِيرَة وَاحِدَة كَمَا يَفْعَل الْمُعَالِج بِالتَنْوِيم الْإِيحائِي.
أَو عَن طَرِيْق صِنَاعَة جَهَاز أَو آَلَة تُصَدِّر صَوْتَا لَه طُوِّل
مَوْجِي وَتَرَدَّد (ذَبْذَبَات) نَفْس الْطَّوْل الْمَوْجِي وَالتَّرَدُّد
لمَوْجَات أَلْفَا بِحَيْث يَصْدُر ذَاك الْجِهَاز او الْآلَة ذَلِك
الْصَّوْت بِشَكْل - مَثَلا - مُتَوَاصِل لِمُدَّة مُعَيَّنَة فَتَصِل
تِلْك الْمَوْجَة إِلَى الْدِّمَاغ فَتَأَثَّر عَلَيْه شَيْئا فَشَيْئا
(لِأَنَّهَا تَنّبُع مِن مَصْدَر ثَابِت ) إِلَى ان يَصِل الْدِمَاغ
لِحَالَة مَوْجَة أَلْفَا.
وَفَلُّو تَأَمَّلْنَا إِلَى مَا تَفْعَلُه تِلْك الْآلَات
الْمُوْسِيْقِيَّة لَوَجَدْنَاهَا تُصَدِّر أَصْوَاتَا مُعَيَّنَة. تِلْك
الْأَصْوَات لَهَا مَوْجَات مُعَيَّنَة مِنْهَا مَوْجَة أَلْفَا (هَذَا
بِشَكْل عَام بِالْنِّسْبَة لِلْمُوُسِيِقِى الْهَادِئَة). وَلَو
تَامِّلْنا فِيْمَن يَقْرَأ الْقُرْان لَوَجَدْنَا انَّه يَصْدُر صَوْتَا
ذُو مَوْجَات مُعَيَّنَة وَالْغَالِب (وَالْلَّه أَعْلَم) عَلَى هَذِه
الْمَوْجَات انَهَا مَوْجَات أَلْفَا. فَكُل كَلِمَة فِي الْقُرْآَن
الْكَرِيْم تُؤْثِر فِي الْإِنْسَان تَأْثِيْرا إِيْجَابِيَّا لَا شَك
فِيْه وَيَظْهَر ذَلِك جَلِيَّا عِنْد رُؤْيَة الْهَالَة.
الْآَن أَيُّهُمَا أَفْضَل:
- أَن تَسْمَع لمُوْسِيْقّى تُوَصِّل دَمَاغَك لِحَالَة أَلْفَا (كَمَا
يَذْكُر) وَأَنْت تُعْصَى الْلَّه وَبِصُحْبَة إِبْلِيْس الْلَّعِين ذُو
الْطَّاقَة الْسَّلْبِيَّة. فَإِن كَان فِي المُوسِّيَى إِيْجَابِيَة
فَسَّلْبْيَاتِهَا كَثِيْرَة، يَكْفِي انَهَا تُقَسِّي الْقُلُوْب.
أَم
- ان تَقْرَأ الْقُرْان وَأَنْت مَع الْسَّفَرَة الْكِرَام الْبَرَرَة،
وَلَك فِي كُل حَرْف حَسَنَة وَالْحَسَنَة بِعَشْر أَمْثَالِهَا, وتحُفك
الْمَلَائِكَة (طَاقَة إِيْجَابِيَة عَالِيَة جَدَّا). هَذَا هُو السِّر
الَّذِي يَشْعُر بِه مَن يَقْرَأ الْقُرْان. فَهُو يُشْعِر بِرَاحَة
وَطُمَأْنِيْنَة وِّهُدَوَء نَفْسِي وَصَفَاء ذِهْنِي ثُم يَجِد بَعْد
ذَلِك فِي جَسَدِه نَشَاط وَطَاقَة وَحَيَوِيَّة، وَيُتِم لَعَه الْشِّفَاء
بِمَشِيْئَة الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى. فَبِالْقُرْآن تَصْلُح
الْأَفْئِدَة وَتَقْوَى الْبَصِيْرَة.
هَذَا وَالْلَّه تَعَالَى أَعْلَى وَأَعْلَم
وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن